يقـول العـالِـم النفـسي إبراهـام ماسلـــو: «المـوهبة، هــي طاقـات، تُطالــــب باستغلالها، ورغبة في كل شخص لتحقيق ذاته، وعزم متواصل على تطوير الذات، واحترامها، وتحقيق الإنجازات».
ويقــول الأستـاذ الــدكتـور يوسف عز الدين عيسى:«الموهبة، هي عطية من الله. لكن لابد أن يبـذل صاحبهـــا جهـــداً في الدراســـة، (في مجالها)، أو في الصقل، أو التمرين، لكي تبدو واضحة لأي متذوق لكل ما هو جميل».
ويقـــول الأستاذ الـدكتور يسري عبد المحسن:«داخل كل منا قدرات، قد يخرج بعضها إلى دائرة الضوء، حيث يستفيد منها الشخص، ويُفيد. وقد يظل بعضها كامناً في دائرة الظلام، لا يتم اكتشافه على مدى حياته».
فاكتشاف الهواية (التي هي أول خطوة نحو اكتشاف الموهبة). وممارستها عند كل شخص في وقت مبكر من عمره، يعتبر شيئاً هاماً، وحيوياً، حيث يساعد على اكتمال النمو، والنضج النفسي، وعلى الإحساس بالذات، والكيان الشخصي.
فكـيف تكتشف موهبتك الكامنة؟
أولاً: اكتشاف ميولك
إن حبك، وميولك إلى أن تؤدي عملاً معيناً، يمكن أن يدلك على نوع الموهبة الدفينة في نفسك.
إن ميولك هي التي تدفع بك نحو أمر معيــــن دون ســواه، وهــذه الميول تبدأ في سن مبكرة من الطفولة. وعلى كل أسرة أن تراعي أطفالها في هذه الميول.
فإذا وُجد أن الطفل لديه ميول للرسم مثلاً فشجعه ... وهكذا.ولكن تأكد من أن ميولك تتجه بك إلى الطريق الصحيح، المؤدي إلى الموهبة، كهدف في حد ذاتها.
ثانياً: راقب درجة اقتناعك:
إذ يجب أن يكون الشخص مقتنعاً فعلاً، بما يود أن يفعله، وأن يزيد معرفته به، وأن يخـوض في بحاره الآمـنـة. فإن الاقتناع يولِّد لدى الشخص طاقة نفسية، وعاطفية تكون مثل الجائزة الجميلة، لأنك سوف تدرك وتتأكد من أصالة الموهبة الكامنة.
ثالثاً: راقب درجة سرعة تعلمّك:
إن سرعة تعلّم الفنون في مجال موهبتك، هي علامة على قدرتك على النجاح فيه، وعلى أصالة الموهبة فيه.
لكن، لا تنسَ أن التعلّم يستمر طوال الحيــاة، بأكملهــا، حتــى لــو كان بطيئاً في بعض المجالات التي لا تجد موهبتك الكامنة، فيها.
رابعــــاً: ترقــب لحظة البراعة، وومضة الإتقان :
يمكنك أن تحدد مركز الـموهبـة عندك، وذلك بأن تراقب لحظة إتقانـــك، وبراعتك في التنفيـــذ.
انظــر بعيـن فاحصة، متيقنة تلك الموهبة، فهي القادرة على أن تلمــح لحظــة الإتقـــــان.
خامساً: لاحظ مدى التنفيذ التام للإتقان:
فإن اللاعب الموهوب، يقوم بأحسن ألعابه دون وعي وبصورة آلية. وكذلك عند الكتابة الموهوبة لقصة، فإن أحرف الكتابة تبدأ في الإنسياب.. فتأتي رسالته واضحة، ومقنعة.
فالتنفيذ الكامل لمرحلة من مراحل الموهبة، هو امتــداد كلّي لنشاط يحدث فـي كــل مرة تقوم فيها بهذا النشاط. وهو الدليل على وجود الموهبة.
فيمكنك أن تفحص وتُحسن التنفيذ التام لخطوات أداء الموهبة، خلال فترة من الوقت. فإن الاقتناع، الذي يحصل بعد عملية التنفيذ يدفع الشخص الـموهــوب إلى تكــرار ما قام به.. والتكرار يولّد التحسن، وتألق الموهبة.
لتبقى مــوهـبـتـك حـيّة وفعـاّلة
بعد أن تكتشف موهبتك التي كانت كامنــة، وخافيــة عن الأنظار طويلاً، يكون عليك دور مهم، أن تقوم به، وتنجزه، لكي تنمّي هذه الموهبة المُكتشفة حديثاً، فتبقى حية في أعماقك، فعَّالــة في حياتك، ومثمرة في مستقبلك وذلك عن طريق الآتي:
أولاً: عليك بالتعلم:
فبالتعلم يكتسب عقلك قدراً محترماً ومتميزاً من المعرفة عن الموضوع الذي تحبه، ومن الخبرة فيما تميل إلى ممارسته عملياً.
ولأن الموهبة تحتاج إلى دراسة مستفيضة، وإلى الالتزام بمنهج معين، فعليك بالالتحاق بأحد المؤسسات التعليمية المتخصصة، أو بالتلمذة على يد المتمكنين، دراية وخبرة، هنا في هذا المجال، لكي تحصل على ما لديهم من معارف تفيدك.
كما يمكنك الحصول على المزيد من التعلم بالاطلاع على الكتب المعاصرة، وعلى الأبحاث الحديثة في مجال موهبتك، وكذلك بالاحتكاك الثقافي بنماذج حية ناجحة.
اختر المُعلم، سواء كان شخصاً، أو كتاباً، فتُضاء لك طريـــق التعلــم في مجال موهبتك.
ثانياً: واظب على التدريب:
أن تتدرب على إجادة تنفيذ موهبتك، وإخراجها بشكل عملي إلى الحيــاة، يعنــي أن تقـوم بالخطـوات العمليـة فـي تنفيـذ العمل الــذي يتعلـــق بالموهبــة في مجالهــا - سواء العلمي أو الفني، أو الاجتماعي - وفيــه تحــــاول أن تــقـوم بخطوات العــمل بالـطريـقـة الصحيحة، ووفــقـاً للمبادئ الأساسيــة لــه، وذلك بصفة منتظمـة، وفـي أوقـات محددة.
وفـي هــذه المرحلة مــن التدريب، احرص على أن تخضع نشاطك لمتخصص متمكن، لكي يكشف لك عما هو صحيح، وما هو سلبي في أداء التدريب، أو فـي خطــوة التنفـيــذ، وبـذلـك تعرف كيفية تفادي الخطأ في التنفيذ، وكذلك كيفية الأداء الصحيح، وذلك من أجل ضمان وصولك إلى الكفاءة في الأداء.
وتأكد من أن أهم وسائل التدريب المثمر، هو أن تكرر أداء العمل على الوجه الصحيح، حتى يصبح من السهل عليك أداؤه، وكذلك تنمية قدرتك، بتقدمك في إجادة فنون موهبتك.
و تأكد أن كل شخص منا، وبدون استثناء، لديه موهبة ما، لكنها من نوع مختلف عن الآخر.
المهم، هو أن تعرف كيف تتعرف على موهبتـك، التــي منـحك إياها الله عز وجل، وأن تتوصل إلى قدراتك الطبيعية المميزة، الكامنة فتنميها.. لكي تشعر بالرضا والابتهاج وبمزيد من الثقة بنفسك. فتفيد نفسك، وتفيد مجتمعك.