ذاكَ مصطفى من طرطوس, وهذا أحمد من غزة, وهُناك يرقد محمود من وهران, وهُنا جثة علي من أسيوط, وهذه دماء عُمر من عجلون, أسماء كثيرة لِمُجاهدين عرب أسود يحملون بِكره جنسيات حدود سايكس بيكو المُختلفة لكن ما وحدهم عروبتهم وأسلامهم في الدفاع عن العِراق خِلال الغزو الأمريكي البريطاني الصهيوني الصفوي سنة 2003.
مُصطفى العريس الجديد والرجل البدين أبى أن يُفارق سلاحه حتى سقطَ شهيداً مع رفاقه العرب في معركة بسمايا في مدينة الكوت, اما أحمد فضلَ عدم ترك صديقه عُمر وهو جريح فسقط هو الأخر برصاص الغزاة في مدينة البصرة, بينما محمود ورفاقه الأخرين حوصروا في منطقة ابو غريب ولم ينجي منهم الا من نجى, لكن كانت نهاية علي مُختلفة بعض الشيء أذ كانَ نصيبه بأن يكون على بوابة بغداد الجنوبية في منطقة الدورة حيث مرور الغُزاة الى قلب بغداد, وقفَ علي ومعه أثنين من فدائيي صدام بِكل شجاعة وأستبسال في شارع سكانيا المُغطى بجثث الشهداء وتمكنوا الثلاثة بالفعل من تعطيل رتل عسكري طويل من الغزاة لِمُدة 30 دقيقة, فلم يتوانى الغُزاة من أستخدام الطائرات الحربية والمدافع والدبابات في قصف الشارع مِن بدايته حتى مفرق منطقة السيدية ورغم ذلك لم يتعرفوا على مُكان هؤلاء الأبطال الثلاثة المتبقين وأبطال أخرين متواجدين تحت جسر المهدية ونخيل بُستان التكية القادرية الكستنزانية.
لم يكن سلاح هؤلاء الأبطال الثلاثة صواريخ الستريلا او مدافع أر بي جي فحسب, بل كانَ سلاحهم الأيمان اولاً والذكاء ثانياً, أذ كانوا يطلقون الصواريخ بأتجاه الرتل الغازي من الأحراش وسُرعان ما يبدأ الزحف من خلاله على مقربة ليست بعيدة كثيراً عن الرتل الغازي حيث لا يتوقع الغازي أنهم في بيت صغير من الطين.
سقطوا الثلاثة شهداء حينما قامَ بعض المُرتزقة من المجاميع الصفوية لِمنطقة ابو دشير بأطلاق الرصاص صوبهم من خلف سكة القطار فتعرفَ الغُزاة على موقعهم فكانت نهاية الأبطال الثلاثة, وبعدها واصلَ الرتل العسكري الغازي مسيره الى قلب بغداد دماراً وبطشاً وقتلاً.
ولم تترك هذه المجاميع الصفوية ذات الوجوه الصفراء جثث الشهداء بعد سماح الغُزاة لهم بالنهب والسلب, فبدلاً من أن يكرمونهم بدفنهم عملوا على سرقة ساعات ايديهم وخواتم الزواج أو الخطوبة وما يملكه الشهداء في ملابسهم حتى سرقوا ألاحذية العسكرية والتي كان بعضاً من المجاهدين العرب يخطون فيها أسماءهم لتسهيل معرفتهم في حال أستشهادهم.
بسالة المجاهدين العرب وفدائيو صدام في الدفاع عن عاصمة العرب بغداد رغم طعنات الصفويين فاقت بسالة أسلافهم العرب بكثير, وما معركة الأعظمية والمقبرة فيها الا صور نادرة لتضحياتهم, أما الناجين من المجاهدين العرب " ذوي اللهجات العربية المُختلفة" فاما كانَ مصيرهم في سجون الغُزاة أو تلقفهم رصاص الخونة أو أحتضنهم أهل الشيمة والكَرم.